تحت شعار الحريات الأكاديمية ركيزة من ركائز تعزيز البناء الديمقراطي نظم في عمان رابطة التدريسيين الجامعيين في العراق ومركز عمان لدراسات حقوق الإنسان مؤتمر الحريات الأكاديمية في الجامعات العراقية وعقد جلسات تكميلية للمؤتمر التي بدأ في بغداد (نوفمبر 2005)، وناقش المؤتمر الذي حضره نحو 80 اكاديمياً، ابحاثاً وأوراق عمل بلغت بمجموعها ثمان وعشرون توزعت على المحاور التالية:
المحور الأول: الحريات الأكاديمية المفهوم والأهمية/ جلسة عمان وبغداد.
المحور الثاني: الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية/ جلسة عمان.
المحور الثالث: واقع وبنية الحريات الأكاديمية في الجامعات العراقية/ جلسة عمان وبغداد.
المحور الرابع: الحريات الأكاديمية في الجامعات العراقية (التطلعات والآفاق)/ جلسة عمان.
المحور الخامس: دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز الحريات الأكاديمية وتوفير الحماية لأعضاء المجتمع الآكاديمي/ جلسة بغداد.
المحور السادس: أثر التدخلات الدينية والحزبية والطائفية في أداء المؤسسات الأكاديمية/ جلسة بغداد.
وبعد ان استعرض مؤتمر الحريات الأكاديمية للجامعات العراقية معاناة العلماء والاكاديميين العراقيين والظروف الصعبة والقاسية التي عاشوها في الماضي والحاضر وبخاصة محاولات فرض الصوت الواحد والعزل اضافة الى الحصار الدولي الجائر، توقف عند اوضاع البلاد منذ وقوعها تحت الاحتلال قبل نحو ثلاث سنوات واشتداد النزعات والنعرات الطائفية والعنصرية على حساب مبدأ المواطنة الكاملة والمساواة التامة، وانعكاس ذلك على نحو سلبي خطير وشديد التأثير في المجتمع الاكاديمي، ناهيكم عن تعرض الجامعات ومؤسسات البحث العلمي والمتاحف والمكتبات لاعمال نهب وسلب وتخريب منظّم بما ترك تأثيره السلبي المضاعف على العملية التعليمية والاكاديمية.
وانطلاقاً من إعلانات الحرية الأكاديمية المعمول بها دولياً ابتداءً من إعلان حقوق أساتذة الجامعات الأمريكية لعام 1940 ومروراً بإعلان ليما 1998 وانتهاءاً بإعلان عمان للحرية الأكاديمية لعام 2004، اصدر المؤتمر بعد نقاشات وحوارات حيوية وجدية وثيقة منهاجية بعنوان " الحريات الاكاديمية في الجامعات العراقية" وفيما يلي نصها:
نص الوثيقة:
أولاً: الحريات الاكاديمية جزء اساسي وحيوي من حرية التعبير والحقوق الاساسية للانسان لا يمكن للعمل الاكاديمي ان يتطور ويزدهر بدونها.
ثانياً:التعليم حق لكل فرد، ينبغي توفيره للجميع بدون استثناء بغض النظر عن الدين أو المذهب أو الجنس أو الإنتماء الاجتماعي أو المعتقد السياسي أو الإنحدار القومي أو التوجه الأيديولوجي أو لأي سبب آخر. وذلك بهدف تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وتعزيز قيم المواطنة وحب الوطن والوحدة الوطنية والسلام والتسامح واحترام الثقافات والحضارات الأخرى.
ثالثاًً:التعليم بجميع مراحله وخصوصاً التعليم العالي يجب أن يكون متكاملاً ويلبي الحاجات الإنسانية لتطوير شخصية الفرد وقابلياته الذهنية، من خلال تحفيز روح البحث عن الحقيقة العلمية من ناحية، وتعزيز التقدم الاجتماعي والتحرر الإنساني من ناحية أخرى، الأمر الذي يتطلب مراعاة استجابة المناهج الدراسية لاحتياجات المجتمع وضرورات ديمومته بشكل سليم خصوصاً في كل ما يتعلق باحترام حقوق الإنسان ومقاومة القهر السياسي وتعزيز حرية البحث العلمي إضافة إلى الإسهام في عملية التنمية وتطوير قدرات المجتمع.
رابعاً:تعزيز وتطوير البرامج التعليمية وخطط الأبحاث العلمية والسياسات التربوية للجامعات ومؤسسات البحث العلمي، والسعي لمراعاة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية إضافة إلى الحقوق المدنية والسياسية، وعدم السماح بالتجاوز عليها، فضلاً عن منع سوء استخدام العلم والتقنية لأغراض تلحق الضرر بتلك الحقوق.
خامساً: الاستقلالية مبدأ تطمح في الوصول إليه مؤسسات التعليم العالي بكل درجاتها، مما يتطلب أن تمارس الجامعة دورها بشكل مستقل وذلك من خلال السماح لها بوضع وتحديد وممارسة السياسات الخاصة بها من دون أي تدخل أو كبح من قبل أي جهة خارج نطاق حرمها الجامعي. كما يتطلب مبدأ الاستقلالية اعتماد الإدارة الذاتية للجامعات والمؤسسات الأكاديمية بعيدا عن تدخلات الدولة او الجهات الرسمية او شبه الرسمية وتحت اية حجة كانت، بحيث لا يتعارض مع تعزيز وتطوير دورها وأدائها سواء في رسم سياساتها ووضع برامجها أو اختيار هيئة الإدارة الذاتية او توسيع دائرة المشاركة وتعميق الخيار الديمقراطي.
سادساً: اعتماد مبدأ الانتخابات الديمقراطية في اختيار رؤساء الجامعات ومساعديهم والعمداء ورؤساء الأقسام، وفقاً لقانون انتخابي واضح تحدد فيه مدة ولاية الأستاذ المنتخب للمنصب ومدة التجديد له، وتناط مسؤولية الرقابة والمحاسبة إلى الهيئة الأكاديمية في الجامعة والكلية وبما يعزز أسلوب الادارة الذاتية في الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، والإبتعاد عن كل شكل من أشكال المحسوبية والولاءات الضيقة في العمل الأكاديمي.
سابعاً:احترام الدولة والأحزاب والقوى السياسية والدينية والاجتماعية، المؤسسة الأكاديمية والحفاظ على قدسية حرمها الجامعي وصيانتها من كل أشكال التدخلات الحزبية والطائفية والعرقية، وبما يصون هيبتها ويعزز دورها وتأثيرها في التطور الاجتماعي، والعمل على إبعاد جميع المظاهر العسكرية والميليشيات وحمل السلاح والمضايقات الأخرى كافة عن الحرم الجامعي وابراز اهمية المجتمع المدني السلمي الاكاديمي ممثلاً بالأساتذة والطلبة والادارة وتشجيع الحوار والتعاون واحترام حق الاختلاف.
ثامناً:تشجيع الأساتذة والطلبة على تكوين جمعيات علمية وتنظيمات نقابية لإنعاش الحياة الثقافية والاجتماعية ومساعدتهم على حماية مصالحهم والدفاع عنها بطريقة عقلانية ومنظمة والعمل على تعزيز الحيوية والنشاط في الحياة الجامعية الحرة من خلال تشجيع النشاطات اللاصفية في مجالات الثقافة والفنون والرياضة والسياحة وغيرها.
تاسعاً:السعي لتوحيد التشريعات والقوانين الناظمة للعمل الأكاديمي لتحديد الأهداف والوسائل وبيان الحقوق والواجبات لتوسيع المشاركة والتداولية والتناوبية في تولي المناصب بعيداً عن أية اعتبارات طائفية أو إثنية أو سياسية ضيقة أو أية ولاءات خاصة غير الإنتماء الوطني والكفاءة العلمية واختيار المجتمع الأكاديمي، وضرورة ترجمة المبادئ التي تضمنها إعلان أربيل 2004 الصادر عن اجتماع رؤساء الجامعات والمعاهد العراقية إلى صيغ تشريعية وتنظيمية ملزمة في المجالات المنهجية والإدارية.
عاشراً: العمل على توسيع وتعزيز دائرة التضامن بين الاكاديميين العراقيين وتطوير صيغ الاحتجاج على اغتيال العلماء والأكاديميين والضغط على الجهات المسؤولة لملاحقة المرتكبين وتقديمهم للعدالة كما يتطلب الامر الاهتمام بنشر أعمالهم ونتاجاتهم وتوفير الرعاية لعوائلهم وكذلك السعي لإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين لم توجه إليهم أية تهمة أو إحالتهم إلى الهيئات القضائية العراقية بأسرع وقت ممكن بما يتلائم ونصوص المواثيق الدولية والقوانين العراقية النافذة.
حادي عشر: تأكيد واجب الدولة في توفير الموارد الضرورية لتوسيع شبكة التعليم العالي والبحث العلمي، والإرتقاء بنوعيتها بما يخدم حاجات المجتمع ويضمن لجميع المواطنين حقهم في تحسين فرص تأهيلهم العلمي والمهني، والسعي إلى توفير التعليم الجامعي المجاني لجميع الراغبين فيه، والتأكيد على حقوق المجتمع الأكاديمي تجاه السلطات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى بما يرتب عليه أيضاً التزامات أساسية علمية وأخلاقية يقع في مقدمتها الإلتزام بالقيم العلمية والإنسانية والوطنية، واحترام الطلبة ومعاملتهم حسب معايير الكفاءة العلمية والمهنية، بالإضافة إلى التزام أعضاء الهيئة الأكاديمية بوضع التعليم والبحث العلمي في خدمة أهداف المجتمع العراقي وعدم استغلال الحريات الأكاديمية ونتائج الأبحاث العلمية لأغراض تضر بمجتمعاتهم، أو تخل بمبادئ حقوق الإنسان أو تسيء إلى تحقيق الأهداف والقيم الإنسانية.
ثاني عشر: التزام مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي العراقية بتطوير علاقات التعاون والشراكة على مستوى العالم العربي وعلى المستوى الدولي أيضاً في سبيل ردم الفجوة المعرفية والتقنية بين المجتمع العراقي والمجتمعات العربية والعالمية، وكسر احتكار المعرفة او الإستفادة من نتائج البحث العلمي أو تقييد تداولها من قبل مجموعة صغيرة متنفذة من الدول أو الشركات، والسعي إلى وضع المعرفة العلمية في خدمة تفاهم المجتمع الدولي وانسجام الجماعة الإنسانية وليس لفرض الهيمنة او الاستتباع.
صدر في عمان بتاريخ
11/محرم/1427هـ
الموافق 10/شباط /2006م