يعيش الشعب الفلسطيني واقعا فريدا شديد التعقيد يجعله يختلف عما تمر به بلدان أخرى تعيش مراحل انتقالية،
فشعبنا لم يحقق بعد استقلاله من الاحتلال الإسرائيلي، ولا يتمتع بسيادته الوطنية على أرضه، وعليه فإن مؤسساته التعليمية شأنها شأن كل المؤسسات، بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية ذاتها، واقعة تحت الاحتلال، وهي عرضة لسياساته القمعية والعدوانية وانتهاكاته الفاضحة للحقوق الفردية والجماعية للإنسان والشعب، وفي مقدمتها الحصار والتحكم بالمعابر والحدود، وأعمال القتل والاعتقالات واقتحام المدن والمؤسسات التعليمية وانتهاك حرمتها، والتعدي على الأماكن المقدسة وغيرها من الممارسات التي تعتبر انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بل وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
لقد شهدت مؤسسات التعليم العالي في فلسطين، تطورا كميا ونوعيا ملحوظا في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي اليوم بحسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، تصل إلى (49) مؤسسة تعليم عالي منها (15) جامعة حكومية وعامة وخاصة.
إن الحريات الاكاديمية وحرية البحث العلمي هي من اسس التطور والتميز في التعليم العالي وتحقيق جودته الشاملة ، وتعتبر استقلالية الجامعات حجر الزاوية في هذه الحريات التي لا بد من الحرص عليها وتطويرها
ان القانون الفلسطيني رقم(11) لعام 1998، والنظام الأساسي المعدل للسلطة الوطنية لعام 2003، يؤكدان على استقلالية مؤسسات التعليم العالي وشخصيتها الاعتبارية وحصانة حرمها، ومنحاها الحق بتنظيم شؤونها وأساليب عملها من خلال أنظمة تصادق عليها الوزارة، مما أعطى فرصة لحوكمة التعليم العالي على المستوى الوطني، إلا أن حداثة التجربة، والظروف المحيطة، واختلاف مناهج القائمين على التعليم العالي، جعلها عرضة لنزعات تجريبية أعاقت حوكمتها الرشيدة، كنزعة الهيمنة الحكومية والنزعة المركزية، أو نزعة الخصخصة الكلية ورفض الرقابة والمساءلة.
إن مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية، ورغم ما أنجزته بنفسها في معظم الأحيان، من مسائل تتعلق بحوكمتها وتخطيطها مستفيدة من التجارب الإقليمية والدولية، إلا أنها انساقت وراء أغراض المنافسة وجلب التمويل الخارجي أيضا، وضعف التنسيق بينها، وتدخلت في شؤونها الحكومة والتنظيمات السياسية، وتأثرت بنزعة الجهوية والعشائرية.
ومن هنا، واستمراراً للمبادرات المحلية والإقليمية والدولية التي قامت في مجال تعزيز الحريات الأكاديمية واستقلال مؤسسات التعليم العالي، مثل "إعلان ليما بشأن الحرية الأكاديمية" الصادر عام 1988، و"إعلان دار السلام" لعام 1990، وإعلان مؤتمر اليونسكو في بيروت لعام 1998، واستناداً إلى ما أقرته المواثيق والاتفاقيات والأعراف الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، واستكمالا لإعلان عمان لعام 2004 والاستفادة من مقياس مركز عمان للحريات الاكاديمية، يعلن مؤتمر "الحريات الاكاديمية وحرية التعبير في الجامعات الفلسطينية " الذي عقد في جامعة النجاح الوطنية في 25 تشرين ثاني / نوفمبر 2015 بمبادرة مركز الدراسات والتطبيقات التربوية CARE وشبكة الصحافة الاخلاقية EJN وجامعة النجاح الوطنية وبالشراكة مع الجمعية العربية للحريات الاكاديمية وجامعات بيرزيت والقدس والعربية الامريكية وبيت لحم والخليل والاستقلال والكلية العصرية عن "اعلان القدس " هذا لتحقيق المبادئ التالية :
إن الحرية الأكاديمية شرط أساسي للوظائف المتلعقة بالتعليم والبحث العلمي والخدمات في الجامعات وغيرها من مؤسسات التعليم العالي في فلسطين. ولجميع أعضاء المجتمع الاكاديمي الحق في الاضطلاع بوظائفهم دون تمييز من أي نوع ودون خشية التدخل أو القمع من جانب الحكومة أو أي جهة أخرى.
إن الحكومة الفلسطينية ملزمة باحترام وضمان جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع الأكاديمي التي يعترف بها عهدا الأمم المتحدة بشأن حقوق الإنسان، وضمان تمتع كل عضو في المجتمع بحرية الفكر والضمير والدين والتعبير والاجتماع والانضمام إلى الجمعيات، وكذلك بالحق في الحرية والأمن الشخصي وحرية الحركة، كما ينص القانون الاساسي الفلسطيني المعدل لعام 2003 على ذلك .
ضمان المساواة بين كافة افراد المجتمع للانضمام للمجتمع الاكاديمي الفلسطيني دون معوقات، ولأي شخص مؤهل لذلك الحق دون تمييز ان يصبح جزءا من مجتمع الاكاديميين سواء اكان طالبا او استاذا او باحثا اواداريا، كما أن الاجراءات المؤقته التي قد تتخذ بهدف تسريع عملية المساواة لغير المستفيدين من حق الانضمام لمجتمع الاكاديميين هي اجراءات غير تمييزية على ان يجري توقف العمل بها فور تحقق مبدأ تساوي الفرص وبما لا يمس الحريات والحقوق العامة التي يكفلها القانون.
على جميع مؤسسات التعليم العالي في فلسطين ضمان نظام عادل وتكافؤ الفرص لتوظيف الاساتذه والباحثين، ولا يجوز طرد أي أكاديمي دون إجراء تحقيق عادل، واتاحة الفرصة امامه لعرض وجهة نظره كاملة على الجسم الاكاديمي المنتخب ديمقراطيا .
لجميع أعضاء المجتمع الأكاديمي الذين يضطلعون بمهام بحثية الحق في إجراء بحوثهم دون أي تدخل، كما أن لهم الحق أيضا في ايصال نتائج بحوثهم بحرية إلى الآخرين ونشرها دون رقابة.
جميع أعضاء المجتمع الأكاديمي الذين يضطلعون بوظائف التدريس وفقا لمبادئ التدريس ومعاييره ومناهجه المعتمدة لهم الحق في التدريس دون أي تدخل.
يتمتع جميع أعضاء المجتمع الأكاديمي بالحرية في إقامة اتصالات مع نظرائهم في أي جزء من العالم باستثناء الجهات التي تشملها المقاطعة الاكاديمية لمؤسسات الاحتلال الاكاديمية، وكذلك الحرية في مواصلة تنمية قدراتهم التعليمية.
- تكفل جميع مؤسسات التعليم العالي اشتراك الطلبة في هيئاتها الاكاديمية ، كما ينبغي على الحكومة ومؤسسات التعليم العالي احترام حق الطلبة، فرادى وجماعات، في التعبير عن آرائهم . والحرص كذلك على اجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة ودورية للاجسام الطلابية النقابية.
- لجميع أعضاء المجتمع الأكاديمي الفلسطينيين الحق في حرية الانضمام إلى جمعيات المجتمع المدني، والحق كذلك في تشكيل نقابات والانضمام الى ما هو قائم منها لحماية مصالحهم، كما ينبغي للنقابات الممثلة لجميع قطاعات المجتمعات الأكاديمية المشاركة في صياغة المعايير المهنية لكل منها بالاضافة الى الحرص على اجراء انتخابات ديمقراطية نزيهة لنقابات العاملين في الجامعات وضرورة تنسيق جهودها ووحدتها على المستوى الوطني.
تكون ممارسة الحقوق المنصوص عليها أعلاه مقترنة بواجبات ومسؤوليات خاصة، ويجوز أن تكون خاضعة لقيود معينة ضرورية لحماية حقوق الآخرين بما لا يمس اهداف العمل الاكاديمي والبحث العلمي . وتجري عملية التدريس والبحوث بالاستناد الى المعايير المهنية، وتستجيب للمشاكل التي تواجه المجتمع الفلسطيني .
تعمل جميع مؤسسات التعليم العالي في فلسطين على ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية لمجتمع الاكاديميين كما وتسعى إلى منع سوء استخدام العلم والتكنولوجيا بما قد يلحق الضرر بتلك الحقوق.
تتصدى جميع مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية للمشاكل المعاصرة التي تواجه المجتمع بما فيها التخطيط لحاجة سوق العمل من التخصصات ومقتضيات تطور المعرفة والالتزام بالمعايير الدولية لجودة التعليم العالي ، وتحقيقا لهذه الغاية ينبغي ان تستجيب مناهج الدراسة في هذه المؤسسات، وكذلك أنشطتها، لاحتياجات المجتمع بوجه عام، كما ينبغي ان تتجنب مؤسسات التعليم العالي عملية التسييس، وأن تتصدى للقمع السياسي والامني وانتهاكات حقوق الإنسان في المجتمع الفلسطيني في حالة وقوعها .
- من المهم على صعيد ضمان حسن سير عمل الجامعات وقيامها بدورها كمنارات علم ومعرفة أن تعطى أولوية لضمان تمويلها عبر إنشاء الصناديق المالية الوطنية لدعمها والوقفيات التي تؤمن اعتمادها على ذاتها. مما يعزز الاستقلالية الاكاديمية والادارية والمالية لمؤسسات التعليم العالي.
تتضامن جميع مؤسسات التعليم العالي الفلسطيينة معنويا وماديا وقانونيا مع المؤسسات المشابهة الأخرى ومع أعضاء مجتمعاتها الأكاديمية عند تعرضهم لأي اضطهاد. ويشمل هذا التضامن وتوفير الحماية وفرص العمل أو التعليم لضحايا الاضطهاد في حالة وقوعه.
- تفعيل صناديق الشكاوي الموجوة في مؤسسات التعليم العالي وانشائها في المؤسسات الاكاديمية التي تفتقدها والتعاطي معها بنزاهة وشفافية .
- دعم مسيرة العمل الجماعي العربي الذي تمثله الجمعية العربية للحريات الأكاديمية، والانخراط فيها بشكل فاعل، والمساهمة برفد مرصد الحريات الأكاديمية في العام العربي بالمعلومات والمعطيات، والعمل على إنشاء مرصد فلسطيني للحريات الأكاديمية رديفا للمرصد العربي.
ينبغي لجميع مؤسسات التعليم العالي في فلسطين أن تسعى إلى الحيلولة دون التبعية العلمية والتكنولوجية وان تعزز مشاركة جميع المجتمعات الأكاديمية في العالم على قدم المساواة في متابعة المعارف واستخدامها وان تشجع التعاون الأكاديمي الدولي الذي يتجاوز الحواجز الإقليمية والسياسية ، بما لا يناقض سياسة حركة حركة المقاطعة الاكاديمية ( BDS ) .
- ان ممارسة استقلال مؤسسات التعليم العالي والحريات الاكاديمية في فلسطين تجري من خلال عملية التسيير الذاتي بالوسائل الديمقراطية التي تشمل مشاركة جميع أعضاء المجتمعات الأكاديمية وحصول كافة الاكاديميين العاملين في مؤسسات التعليم العالي على فرص متساوية دون تمييز على اساس حوكمة رشيدة لمؤسات التعليم العالي في فلسطين . بما يكفل استمرار التعليم العالي للمنفعة العامة بعيدا عن الخصخصة التي تتوخى اهدافا ربحية خالصة .
يطالب مؤتمر الحريات الاكاديمية الحكومة الفلسطينية ومجلس القضاء الاعلى الغاء اية تشريعات و/او انظمة ترتكز على الامر العســـكري الاحتلالي رقم 854 لعام 1980 المعدل لقانــون التربية والتعليم رقــــم ( 16) لسنة 1964 .
- يطالب المؤتمر بتعديل قانون رقم (11) لسنة 1998 بشأن التعليم العالي بما يتفق ببنود هذا الاعلان وروحه .
- العمل على ان يتضمن دستور دوله فلسطين تأكيدا على احترام الحريات الاكاديمية والالتزام بها .